وينصب أهل البدو من عرب مصر خيامهم في الصحاري الرملية القريبة من ضفتي النيل، وهم قلما يخشون جانب الحكومة، ولا صلة بينهم وبين الفلاحين الذين يبغضونهم.
ومعايش هؤلاء الأعراب كمعايش عرب البادية، فالعربي البدوي هو هو أينما حل وحيثما اتجه.
ونرى في مصر، عدا العرب، عناصر كثيرةً أخرى كالترك والأقباط والسوريين والزنوج والأغارقة والأوربيين وغيرهم من العناصر التي يندر أن تتوالد هي والفلاح المصري، وذلك فضلاً عن أن جو مصر القتال لا يصلح لتناسل الأجانب، ومنهم الترك، في أكثر من جيلين، وأصول العرب، لا غيرها، هي التي استطاعت أن تثبت في مصر.
ومن تلك الشعوب نذكر الأقباط الذين، وإن كانوا لا يعدون حفدةً خلصاً لقدماء المصريين، يرى بينهم أشخاص مشابهون؛ لما في النواويس القديمة أكثر مما بين سواهم، ويدين الأقباط بالنصرانية، ولم يختلطوا بالعرب، ويقطنون في مصر العليا، ولا سيما ببعض القرى والمدن كأسيوط، وتشبه لغتهم لغة قدماء المصريين، وتوصل شانبوليون، بدرسها إلى إيضاح الكلمات الهيروغليفية كما هو معلوم، ومع نص كثير من المؤلفات على أنه لا يتكلم أحدٌ باللغة القبطية في الوقت الحاضر سمع أقباطاً يتكلمون بها فيما بينهم على لهجاتٍ مختلفة، ويكتب الأقباط لغتهم بالحروف اليونانية في الزمن الحاضر.
ويقدر الأقباط المقيمون بمصر بمئتي ألف نفس، وإن قالوا لي مؤكدين إن عددهم يزيد على خمسمائة ألف، ويلوح لي أن الصورة المحزنة التي تصور بها سجيتهم لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وكل ما في الأمر أنهم أفضل في الثقافة من عرب الوقت الحاضر، ومن الترك على الخصوص، وأنهم، وإن كانوا لا ينالون أعلى المراتب بسبب دينهم، يعطون المناصب الإدارية التي تتطلب جهداً ودراية.
وأما الترك الذين حلو محل العرب في مصر سياسةً فإن تأثيرهم في تكوين العرق المصري صفرٌ، وتتألف منهم الآن طبقة أرستوقراطية لا تختلط بالسكان، ولا يزيد عددهم على عشرين ألفاً.