شكل ٣ - ٢: أعرابيات من بادية الشام (من صورة فوتوغرافية).
أتى الملك العربي فلانٌ إلى عاصمتي نينوى ومعه هدايا كثيرة، وقبل قدمي طالباً أن أعيد إليه تماثيل آلهته، فرق له قلبي، وأعدتها إليه بعد أن أمرت بإصلاحها ونقش تمجيد ربي آشور عليها وتوقيعها، وجعلت الأميرة العربية طبوة التي نشأت في بلاطي ملكةً، وأعدتها إلى بلادها مع آلهتها.
ووجد في ثنايا تلك العبادات المختلفة بذور توحيد مما تعهد محمد إنماءه فيما بعد، وقد بني إبراهيم الكعبة في جزيرة العرب كما روى العرب، وجعل العرب منها موضع تكريم وحج منذ القديم، وكان فيها حين ظهور محمد ٣٦٠ صنماً وصورة، وكانت صورة المسيح ومريم العذراء من هذه الصور -كما جاء في تواريخ العرب- وكان من دواعي الفخر عند العرب تزيين الكعبة التي كان اليهود شديدي التعظيم لها أيضاً، وكانت سدانتها بيد قبيلة قريش التي نالت بذلك نوعاً من السيادة الدينية بين العرب.
ووجد بين العرب، فضلاً عن النصارى واليهود الذين لم يكن عددهم قليلاً في جزيرة العرب، من يعبدون إلهاً واحداً، وسمي هؤلاء بالحنفاء، وكان محمد يحب هذا الاسم، وليست عقيدة التوحيد، التي هي من أهم مبادئ القرآن، كل ما عند الحنفاء، بل قالوا أيضاً، كما قال القرآن فيما بعد، إن على الإنسان أن يسلم بقضاء الله وقدره تسليم إبراهيم حينما رأى ذبح ابنه إسحق، ولذا لم يكن من الخطأ إخبار محمد في القرآن بوجود مسلمين قبل ظهوره.