وانظر المجموع للنووي (ج٤ ص١٢، ١٣) فقد رجح جواز هذا لدلالة الأحاديث الصحيحة عليه. انتهى والحديث مُشكل على الحنفية جداً، فإنهم قالوا بوجوب القعود والتشهد بعد كل من الركعتين في الفرض والنفل جميعاً، وأجابوا عنه بوجوه كلها مردودة باطلة. أحدها: أنَّ المعنى لا يجلس في شيء للسلام بخلاف ما قبله من الركعات، ذكره القاري. وقد رده صاحب البذل حيث قال: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الحنفية قائلون بأنَّ الوتر ثلاث لا يجوز الزيادة عليها، فإذا صلَّى خمس ركعات، فإن نوى الوتر في أول التحريمة لا يجوز ذلك؛ لأنَّ الزيادة على الثلاث ممنوعة، وإن نوى النفل في أول التحريمة لا يؤدي الوتر بنية النفل. وإن قيل: إنها كانت في ابتداء الإسلام ثم استقرَّ الأمر على أنَّ الوتر ثلاث ركعات. فينافيه حديث زرارة بن أوفي عند أبي داود: فلم تزل تلك صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدن، فنقص من التسع ثنتين، فجعلها إلى الست والسبع وركعتيه وهو قاعد حتى قبض على ذلك. وثانيها: أنَّ المنفي جلسة الفراغ والاستراحة , أي: لا يجلس في شيء من الخمس جلسة الفراغ والاستراحة إلاَّ في آخرها. أي: بعد الركعة الآخرة، يعني بعد الفراغ منها، وكانت الركعتان نافلتي الوضوء أو غيرها والثلاثة وتراً. وفيه أنَّ تخصيص الجلوس المنفي بجلوس الاستراحة والفراغ يحتاج إلى دليل، وإذ لا دليل على ذلك فهو مردود على قائله، على أنَّ قوله: إلاَّ في آخرهن يدلُّ على وجود الجلوس في آخر الركعات الخمس، بناء على أنَّ " في " للظرفية، وهي تقتضي تحقق الجلوس داخل الصلاة لا خارجها، وعلى أنَّ الأصل في الاستثناء الاتصال، وهذا ينافي كون المراد بالجلوس المنفي جلسة الفراغ. وثالثها: أنَّ المعنى لَم يكن يُصلِّي من تلك الخمس جالساً , إذ قد ورد أنه كان يُصلِّي قائماً وقاعداً، وعلى هذا فالمنفي من الجلوس هو الجلوس مقام، والاستثناء في قوله: إلاَّ في آخرهن منقطع، كما في الوجه الثاني , والمعنى لا يُصلِّي جالساً إلاَّ بعد أن يفرغ من =