قوله:(ووأد البنات) بسكون الهمزة هو دفن البنات بالحياة، وكان أهل الجاهليّة يفعلون ذلك كراهة فيهنّ.
ويقال: إنّ أوّل من فعل ذلك قيس بن عاصم التّميميّ، وكان بعض أعدائه أغار عليه فأسر بنته فاتّخذها لنفسه , ثمّ حصل بينهم صلح فخيّر ابنته فاختارت زوجها، فآلى قيس على نفسه أن لا تولد له بنت إلاَّ دفنها حيّة، فتبعه العرب في ذلك.
وكان من العرب فريق ثانٍ يقتلون أولادهم مطلقاً، إمّا نفاسة منه على ما ينقصه من ماله، وإمّا من عدم ما ينفقه عليه، وقد ذكر الله أمرهم في القرآن في عدّة آيات.
وكان صعصعة بن ناجية التّميميّ أيضاً - وهو جدّ الفرزدق همّام بن غالب بن صعصعة - أوّل من فدى الموءودة، وذلك أنّه كان يعمد إلى من يريد أن يفعل ذلك فيفدي الولد منه بمالٍ يتّفقان عليه، وإلى ذلك أشار الفرزدق بقوله:
وجدّي الذي منع الوائدات ... وأحيا الوئيد فلم يوأد
وهذا محمول على الفريق الثّاني، وقد بقي كلٌّ من قيس وصعصعة إلى أن أدركا الإسلام ولهما صحبة، وإنّما خصّ البنات بالذّكر , لأنّه كان الغالب من فعلهم، لأنّ الذّكور مظنّة القدرة على الاكتساب.
وكانوا في صفة الوأد على طريقين:
أحدهما: أن يأمر امرأته إذا قرب وضعها أن تطلق بجانب حفيرة، فإذا وضعت ذكراً أبقته , وإذا وضعت أنثى طرحتها في الحفيرة، وهذا