تنْبيه: جميع ما تقدّم فيما سأل لنفسه، وأمّا إذا سأل لغيره فالذي يظهر أيضاً أنّه يختلف باختلاف الأحوال.
قوله:(وكان ينهى عن عقوق الأمّهات) في رواية لهما عن المغيرة , أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله عز وجلَّ حرَّم عليكم: عقوق الأمهات، ووأد البنات ومنعاً وهات.
قيل: خصّ الأمّهات بالذّكر , لأنّ العقوق إليهنّ أسرع من الآباء لضعف النّساء , ولينبّه على أنّ برّ الأمّ مقدّم على برّ الأب في التّلطّف والحنوّ ونحو ذلك , وهو من تخصيص الشّيء بالذّكر إظهاراً لعظم موقعه.
والأمّهات: جمع أمّهة وهي لمن يعقل، بخلاف لفظ الأمّ فإنّه أعمّ.
والعقوق: بضمّ العين المهملة مشتقّ من العقّ وهو القطع، والمراد به صدور ما يتأذّى به الوالد من ولده من قول أو فعل إلاَّ في شرك أو معصية ما لَم يتعنّت الوالد.
وضبَطَه ابن عطيّة , بوجوب طاعتهما في المباحات فعلاً وتركاً واستحبابها في المندوبات، وفروض الكفاية كذلك، ومنه تقديمهما عند تعارض الأمرين , وهو كمن دعته أمّه ليمرّضها مثلاً بحيث يفوت عليه فعل واجب إن استمرّ عندها , ويفوت ما قصدته من تأنيسه لها , وغير ذلك لو تركها وفعله , وكان ممّا يمكن تداركه مع فوات الفضيلة كالصّلاة أوّل الوقت أو في الجماعة.