، واختلفوا فيما قبل ذلك، فعليه الإتمام على أصل ما كان عليه حتى يثبت أنَّ له القصر. قال: ولا أعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر في شيء من أسفاره إلا بعد خروجه عن المدينة.
المسألة الثالثة:
اختلف السلف في المقيم بِمنىً هل يقصر أو يتم، بناء على أنَّ القصر بها للسفر أو للنسك؟ واختار الثاني مالك.
وتعقبه الطحاوي: بأنه لو كان كذلك لكان أهل منى يتمون ولا قائل بذلك.
وقال بعض المالكية: لو لَم يجز لأهل مكة القصر بِمنىً. لقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أَتِمُّوا، وليس بين مكة ومِنىً مسافة القصر، فدلَّ على أنهم قصروا للنسك.
وأجيب: بأن الترمذي روى من حديث عمران بن حصين , أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بمكة ركعتين , ويقول: يا أهل مكة أَتِمُّوا فإنا قوم سفر.
وكأنه ترك إعلامهم بذلك بمنى استغناء بما تقدم بمكة.
قلت: وهذا ضعيف، لأنَّ الحديث من رواية علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، ولو صحَّ فالقصة كانت في الفتح، وقصة منى في حجة الوداع، وكان لا بدَّ من بيان ذلك لبُعد العهد.
ولا يخفى أنَّ أصل البحث مبنيٌ على تسليم أنَّ المسافة التي بين مكة ومنى لا يقصر فيها، وهو من محالِّ الخلاف.