ورواه أبو داود بلفظ " كان يخطب خطبتين: كان يجلس إذا صعد المنبر حتّى يفرغ المؤذّن، ثمّ يقوم فيخطب، ثمّ يجلس فلا يتكلم، ثمّ يقوم فيخطب "
واستفيد من هذا أنّ حال الجلوس بين الخطبتين لا كلام فيه، لكن ليس فيه نفي أن يذكر الله أو يدعوه سرّاً.
واستدل به الشّافعيّ في إيجاب الجلوس بين الخطبتين. لمواظبته - صلى الله عليه وسلم - على ذلك مع قوله " صلّوا كما رأيتموني أصلي ".
قال ابن دقيق العيد: يتوقّف ذلك على ثبوت أنّ إقامة الخطبتين داخل تحت كيفيّة الصّلاة، وإلا فهو استدلال بمجرّد الفعل.
وزعم الطّحاويّ: أنّ الشّافعيّ تفرّد بذلك.
وتعقّب: بأنّه محكيّ عن مالك أيضاً في رواية، وهو المشهور عن أحمد نقله شيخنا في شرح التّرمذيّ.
وحكى ابن المنذر: أنّ بعض العلماء عارض الشّافعيّ: بأنّه - صلى الله عليه وسلم - واظب على الجلوس قبل الخطبة الأولى، فإن كانت مواظبته دليلاً على شرطيّة الجلسة الوسطى فلتكن دليلاً على شرطيّة الجلسة الأولى.
وهذا متعقّب: بأنّ جلّ الرّوايات عن ابن عمر ليست فيها هذه الجلسة الأولى. وهي من رواية عبد الله العمريّ المضعّف فلم تثبت المواظبة عليها، بخلاف التي بين الخطبتين.