للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (ولِتعلَّموا) بكسر اللام وفتح المثنّاة وتشديد اللام. أي: لتتعلموا. وعرف منه أنّ الحكمة في صلاته في أعلى المنبر ليراه من قد يخفى عليه رؤيته إذا صلَّى على الأرض. ويستفاد منه أنّ من فعل شيئاً يخالف العادة أن يبيّن حكمته لأصحابه.

وفيه مشروعيّة الخطبة على المنبر لكل خطيب خليفةً كان أو غيره. وفيه جواز قصد تعليم المأمومين أفعال الصّلاة بالفعل وجواز العمل اليسير في الصّلاة، وكذا الكثير إن تفرّق، وقد تقدّم البحث فيه (١).

وفيه جواز اختلاف موقف الإمام والمأموم في العلو والسّفل، وقد صرّح بذلك البخاري في حكايته عن شيخه عليّ بن المدينيّ عن أحمد بن حنبل (٢).

ولابن دقيق العيد في ذلك بحثٌ، فإنّه قال: من أراد أن يستدلّ به


(١) انظر حديث أبي قتادة المتقدِّم برقم (٩٨)
(٢) بوَّب عليه البخاري رحمه الله (باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب) ثم أورد الحديث. ثم قال عقِبه: قال علي بن المديني: سألني أحمد بن حنبل رحمه الله عن هذا الحديث، قال: فإنما أردت أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أعلى من الناس , فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث، قال فقلت: إنَّ سفيان بن عيينة كان يُسأل عن هذا كثيراً. فلمْ تسمعه منه؟ قال: لا.
قال الحافظ في " الفتح " (١/ ٦٣١): قوله (قال: فقلت) أي: قال علي لأحمد بن حنبل , قوله: (فلم تسمعه منه؟ قال: لا) صريح في أنَّ أحمد بن حنبل لَم يسمع هذا الحديث من ابن عيينة , وقد راجعتُ مسنده فوجدته قد أخرج فيه عن ابن عيينة بهذا الإسناد من هذا الحديث قول سهل " كان المنبر من أثل الغابة " فقط , فتبيَّن أنَّ المنفي في قوله " فلم تسمعه منه؟ قال: لا " , جميع الحديث لا بعضه , والغرض منه هنا وهو صلاته - صلى الله عليه وسلم - على المنبر داخل في ذلك البعض , فلذلك سأل عنه علياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>