وإلى الثّاني: ذهب الجمهور , فقالوا: المراد بقوله " فاقدروا له " أي: انظروا في أوّل الشّهر. واحسبوا تمام الثّلاثين.
ويرجّح هذا التّأويل. الرّوايات الأُخر المصرّحة بالمراد , وهي قوله " فأكملوا العدّة ثلاثين " ونحوها، وأولى ما فسّر الحديث بالحديث.
وقد وقع الاختلاف في حديث أبي هريرة في هذه الزّيادة أيضاً , فرواها البخاريّ عن آدم عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة بلفظ " فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين " وهذا أصرح ما ورد في ذلك.
وقد قيل: إن آدم شيخه انفرد بذلك , فإنّ أكثر الرّواة عن شعبة قالوا فيه " فعدّوا ثلاثين " أشار إلى ذلك الإسماعيليّ , وهو عند مسلم وغيره. قال: فيجوز أن يكون آدم أورده على ما وقع عنده من تفسير الخبر.
قلت: الذي ظنّه الإسماعيليّ صحيحٌ، فقد رواه البيهقيّ من طريق إبراهيم بن يزيد عن آدم بلفظ " فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين يوماً " يعني عدّوا شعبان ثلاثين، فوقع للبخاريّ إدراج التّفسير في نفس الخبر.
ويؤيّده رواية أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ " لا تقدّموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين "، فإنّه يشعر بأنّ المأمور بعدده هو شعبان، وقد رواه مسلم من طريق الرّبيع بن مسلم عن محمّد بن زياد بلفظ " فأكملوا العدد " وهو يتناول كلّ شهرٍ فدخل فيه شعبان.