القول الأول: لأهل كل بلد رؤيتهم، وفي صحيحٍ مسلمٍ من حديث ابن عبّاس ما يشهد له (١)، وحكاه ابن المنذر عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق، وحكاه التّرمذيّ عن أهل العلم. ولَم يحك سواه، وحكاه الماورديّ وجهاً للشّافعيّة.
القول الثاني: مقابله إذا رؤي ببلدةٍ لزم أهل البلاد كلّها، وهو المشهور عند المالكيّة، لكن حكى ابن عبد البرّ الإجماع على خلافه، وقال: أجمعوا على أنّه لا تراعى الرّؤية فيما بعد من البلاد كخراسان والأندلس.
القول الثالث: قال القرطبيّ: قد قال شيوخنا: إذا كانت رؤية الهلال ظاهرة قاطعة بموضعٍ , ثمّ نقل إلى غيرهم بشهادة اثنين لزمهم الصّوم.
القول الرابع: قال ابن الماجشون: لا يلزمهم بالشّهادة إلاَّ لأهل البلد الذي ثبتت فيه الشّهادة , إلاَّ أن يثبت عند الإمام الأعظم فيلزم النّاس كلهم , لأنّ البلاد في حقّه كالبلد الواحد إذ حكمه نافذ في الجميع.
(١) صحيح مسلم (١٠٨٧) عن كريب، أنَّ أم الفضل بنت الحارث، بعثتْه إلى معاوية بالشام، قال: فقدِمتُ الشام، فقضيت حاجتها، واستهلَّ عليَّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمتُ المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -، ثم ذكر الهلال , فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية؟ فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "