والذي يظهر لي في الجمع بين الرّوايتين: أنّ أنساً حضر ذلك. لكنّه لَم يتسحّر معهما، ولأجل هذا سأل زيداً عن مقدار وقت السّحور كما سيأتي بعد.
ثمّ وجدت ذلك صريحاً في رواية النّسائيّ وابن حبّان ولفظهما عن أنس قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أنس إنّي أريد الصّيام، أطعمني شيئاً. فجئته بتمرٍ وإناءٍ فيه ماء، وذلك بعدما أذّن بلال. قال: يا أنس انظر رجلاً يأكل معي، فدعوت زيد بن ثابت، فجاء فتسحّر معه، ثمّ قام فصلى ركعتين، ثمّ خرج إلى الصّلاة.
فعلى هذا فالمراد بقوله " كم كان بين الأذان والسّحور " أي: أذان ابن أمّ مكتومٍ، لأنّ بلالاً كان يؤذّن قبل الفجر. والآخر يؤذّن إذا طلع.
قوله:(زيد بن ثابت) أي ابن الضحاك بن زيد بن لوذان، من بني مالك بن النجار، كاتب الوحي , وأحد فقهاء الصحابة، مات سنة خمس وأربعين.
قوله:(قلت لزيد: كم كان بين الأذان والسحور؟) وقع عند الإسماعيليّ من رواية عفّان عن همّامٍ " قلنا لزيدٍ " ومن رواية خالد بن الحارث عن سعيد قال خالد: أنسٌ القائل كم كان بينهما.
ورواه أحمد أيضاً عن يزيد بن هارون عن همّامٍ. وفيه " أنّ أنساً قال: قلت لزيدٍ " ووقع عند البخاري من رواية رَوحٍ عن سعيد: قلت لأنسٍ، فهو مقول قتادة.