قال الإسماعيليّ: والرّوايتان صحيحتان بأن يكون أنس سأل زيداً، وقتادة سأل أنساً. والله أعلم.
واستدلَّ البخاري به على أنّ أوّل وقت الصّبح طلوع الفجر , لأنّه الوقت الذي يحرم فيه الطّعام والشّراب، والمدّة التي بين الفراغ من السّحور والدّخول في الصّلاة - وهي قراءة الخمسين آيةً أو نحوها - قدر ثلث خمس ساعةٍ، ولعلها مقدار ما يتوضّأ. فأشعر ذلك بأنّ أوّل وقت الصّبح أوّل ما يطلع الفجر.
قوله:(قال: قدر خمسين آيةً) أي: متوسّطةً لا طويلةً ولا قصيرةً لا سريعةً ولا بطيئةً، وقدر بالرّفع على أنّه خبر المبتدأ، ويجوز النّصب على أنّه خبر كان المقدّرة في جواب زيدٍ لا في سؤال أنسٍ. لئلا تصير كان واسمها من قائلٍ والخبر من آخر.
قال المُهلَّب وغيره: فيه تقدير الأوقات بأعمال البدن، وكانت العرب تقدّر الأوقات بالأعمال كقوله: قدر حلب شاةٍ، وقدر نحر جزورٍ. فعدل زيد بن ثابتٍ عن ذلك إلى التّقدير بالقراءة إشارةً إلى أنّ ذلك الوقت كان وقت العبادة بالتّلاوة، ولو كانوا يقدّرون بغير العمل لقال مثلاً قدر درجةٍ أو ثلث خمس ساعةٍ.
وقال ابن أبي جمرة: فيه إشارةٌ إلى أنّ أوقاتهم كانت مستغرقةً بالعبادة.
وفيه تأخير السّحور لكونه أبلغ في المقصود.
قال ابن أبي جمرة: كان - صلى الله عليه وسلم - ينظر ما هو الأرفق بأمّته فيفعله لأنّه لو