للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طريق أبي يونس مولى عائشة عن عائشة , أنّ رجلاً جاء إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب، فقال: يا رسولَ الله تدركني الصّلاة - أي صلاة الصّبح - وأنا جنبٌ، أفأصوم؟ فقال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: وأنا تدركني الصّلاة وأنا جنب فأصوم. فقال: لست مثلنا يا رسولَ الله قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر. فقال: والله إنّي لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقى.

وذكر ابن خزيمة: أنّ بعض العلماء توهّم أنّ أبا هريرة غلِط في هذا الحديث , ثمّ ردّ عليه بأنّه لَم يغلط , بل أحال على رواية صادقٍ، إلاَّ أنّ الخبر منسوخ، لأنّ الله تعالى عند ابتداء فرض الصّيام كان منع في ليل الصّوم من الأكل والشّرب والجماع بعد النّوم.

قال: فيحتمل أن يكون خبر الفضل كان حينئذٍ , ثمّ أباح الله ذلك كلّه إلى طلوع الفجر فكان للمجامع أن يستمرّ إلى طلوعه فيلزم أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر، فدلَّ على أنّ حديث عائشة ناسخ لحديث الفضل ولَم يبلغ الفضل ولا أبا هريرة النّاسخ فاستمرّ أبو هريرة على الفتيا به، ثمّ رجع عنه بعد ذلك لَمّا بلغه.

قلت: ويقوّيه أنّ في حديث عائشة هذا الأخير ما يشعر بأنّ ذلك كان بعد الحديبية لقوله فيها " قد غفر الله لك ما تقدّم وما تأخّر " وأشار إلى آية الفتح وهي إنّما نزلت عام الحديبية سنة ستّ، وابتداء فرض الصّيام كان في السّنة الثّانية.

وإلى دعوى النّسخ فيه ذهب ابن المنذر والخطّابيّ وغير واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>