للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرّره ابن دقيق العيد: بأنّ قوله تعالى (أحل لكم ليلة الصّيام الرّفث إلى نسائكم) يقتضي إباحة الوطء في ليلة الصّوم، ومن جملتها الوقت المقارن لطلوع الفجر فيلزم إباحة الجماع فيه , ومن ضرورته أن يصبح فاعل ذلك جنباً ولا يفسد صومه , فإنّ إباحة التّسبّب للشّيء إباحةٌ لذلك الشّيء.

قلت: وهذا أولى من سلوك التّرجيح بين الخبرين كما قال البخاريّ: والأوّل أسند. وكذا قال بعضهم: إنّ حديث عائشة أرجح لموافقة أمّ سلمة لها على ذلك، ورواية اثنين تقدّم على رواية واحد، ولا سيّما وهما زوجتان ,وهما أعلم بذلك من الرّجال.

ولأنّ روايتهما توافق المنقولَ - وهو ما تقدّم من مدلول الآية - والمعقولَ , وهو أنّ الغسل شيءٌ وجب بالإنزال، وليس في فعله شيءٌ يحرم على صائم، فقد يحتلم بالنّهار فيجب عليه الغسل ولا يحرم عليه بل يتمّ صومه إجماعاً، فكذلك إذا احتلم ليلاً بل هو من باب الأولى، وإنّما يمنع الصّائم من تعمّد الجماع نهاراً.

وهو شبيهٌ بمن يمنع من التّطيّب وهو محرم , لكن لو تطيّب وهو حلال ثمّ أحرم فبقي عليه لونه أو ريحه لَم يحرم عليه.

وجمع بعضهم بين الحدثين. أنّ الأمر في حديث أبي هريرة أمر إرشادٍ إلى الأفضل، فإنّ الأفضل أن يغتسل قبل الفجر فلو خالف جاز، ويحمل حديث عائشة على بيان الجواز , ونقل النّوويّ هذا عن أصحاب الشّافعيّ، وفيه نظرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>