للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من طريق إبراهيم بن سعد عن الليث عن الزّهريّ، وحديث إبراهيم بن سعد في الصّحيح عن الزّهريّ نفسه بغير هذه الزّيادة، وحديث الليث عن الزّهريّ في الصّحيحين بدونها، ووقعت الزّيادة أيضاً في مرسل سعيد بن المسيّب ونافع بن جبير والحسن ومحمّد بن كعب.

وبمجموع هذه الطّرق تعرف أنّ لهذه الزّيادة أصلاً. (١)


(١) قال البخاري في " صحيحه " في كتاب الصوم: باب إذا جامع في رمضان , ويذكر عن أبي هريرة رفعه: من أفطر يوما من رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صيام الدهر وإن صامه. وبه قال ابن مسعود , وقال سعيد بن المسيب والشعبي وابن جبير وإبراهيم وقتادة وحماد: يقضي يوماً مكانه. انتهى
قال الشارح رحمه الله: قوله: (باب إذا جامع في رمضان) أي: عامداً عالماً وجبت عليه الكفارة.
وقوله: (ويذكر عن أبي هريرة رفعه: من أفطر يوما من رمضان من غير عذرٍ ولا مرضٍ لم يقضه صيام الدهر وإن صامه)
وصله أصحاب السنن الأربعة وصحَّحه ابن خزيمة من طريق سفيان الثوري وشعبة كلاهما عن حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن أبي المطوّس عن أبيه عن أبي هريرة نحوه، وفي رواية شعبة " في غير رخصة رخصها الله تعالى له لم يقض عنه وإن صام الدهر كله ". قال الترمذي: سألت محمداً - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال: أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس لا أعرف له غير هذا الحديث.
وقال البخاري في التاريخ أيضا: تفرد أبو المطوس بهذا الحديث , ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا.
قلت: واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت اختلافاً كثيراً فحصلت فيه ثلاث علل: الاضطراب , والجهل بحال أبي المطوس , والشك في سماع أبيه من أبي هريرة.
وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء.
وذكر ابن حزم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مثله موقوفاً.
قال ابن بطال: أشار بهذا الحديث إلى إيجاب الكفارة على من أفطر بأكل أو شرب قياساً على الجماع، والجامع بينهما انتهاك حرمة الشهر بما يفسد الصوم عمدا. وقرر ذلك الزين بن المنير بأنه ترجم بالجماع لأنه الذي ورد فيه الحديث المسند، وإنما ذكر آثار الإفطار ليفهم أن الإفطار بالأكل والجماع واحد. انتهى.
والذي يظهر لي أنَّ البخاري أشار بالآثار التي ذكرها إلى أن إيجاب القضاء مختلف فيه بين السلف، وأنَّ الفطر بالجماع لا بد فيه من الكفارة.
وأشار بحديث أبي هريرة إلى أنه لا يصحّ لكونه لم يجزم به عنه، وعلى تقدير صحته فظاهره يقوِّي قول من ذهب إلى عدم القضاء في الفطر بالأكل بل يبقى ذلك في ذمته زيادة في عقوبته لأنَّ مشروعية القضاء تقتضي رفع الإثم، لكن لا يلزم من عدم القضاء عدم الكفارة فيما ورد فيه الأمر بها وهو الجماع.
والفرق بين الانتهاك بالجماع والأكل ظاهر فلا يصح القياس المذكور. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>