حتّى يدخل رمضان آخر. وأمّا الإطعام فليس فيه ما يثبته ولا ينفيه.
مسألتان:
المسألة الأولى: متى تصام الأيام التي تُقضى عن فوات رمضان؟ هل يتعيَّن قضاؤه متتابعاً أو يجوز متفرقاً؟ وهل يتعين على الفور أو يجوز على التراخي؟.
قال الزين بن المنير: ظاهر قوله تعالى (فعدةٌ من أيام أُخر) يقتضي التفريق لصدق " أيام أخر " سواء كانت متتابعة أو متفرقة، والقياس يقتضي التتابع إلحاقاً لصفة القضاء بصفة الأداء، وظاهر صنيع عائشة يقتضي إيثار المبادرة إلى القضاء لولا ما منعها من الشغل، فيشعر بأن من كان بغير عذر لا ينبغي له التأخير.
قلت: وهو قول الجمهور.
ونقل ابن المنذر وغيره عن عليٍ وعائشة وجوب التتابع. وهو قول بعض أهل الظاهر، وروى عبد الرزاق بسنده عن ابن عمر قال: يقضيه تباعاً. وعن عائشة: نزلت (فعدةٌ من أيام أُخر متتابعات) فسقطت متتابعات.
وفي " الموطأ " أنها قراءة أبي بن كعب، وهذا - إن صحَّ - يشعر بعدم وجوب التتابع. فكأنه كان أولا واجباً ثم نسخ.
ولا يختلف المجيزون للتفريق أنَّ التتابع أولى.
وروى مالك عن الزهري: أنَّ ابن عباس وأبا هريرة اختلفا في قضاء رمضان، فقال أحدهما: يفرَّق , وقال الآخر: لا يفرَّق. هكذا