تفسيرهما " بإسنادٍ صحيحٍ إلى ليلى امرأة بشير بن الخصاصية , قالت: أردتُ أن أصوم يومين مواصلةً فمنعني بشير , وقال: إنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذا , وقال: يفعل ذلك النّصارى، ولكن صوموا كما أمركم الله تعالى، أتمّوا الصّيام إلى الليل فإذا كان الليل فأفطروا " لفظ ابن أبي حاتم.
فإنه - صلى الله عليه وسلم - سوّى في عِلَّة النّهي بين الوصال وبين تأخير الفطر حيث قال في كلٍّ منهما: إنّه فِعْل أهل الكتاب، ولَم يقل أحدٌ بتحريم تأخير الفطر سوى بعض من لا يعتدّ به من أهل الظّاهر.
ومن حيث المعنى ما فيه من فَطَمَ النّفس وشهواتها وقمعها عن ملذوذاتها فلهذا استمرّ على القول بجوازه مطلقاً أو مقيّداً من تقدّم ذكره. والله أعلم.
وفي أحاديث الباب من الفوائد.
استواء المكلفين في الأحكام، وأنّ كلّ حكم ثبت في حقّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثبت في حقّ أمّته إلاَّ ما استثني بدليلٍ.
وفيه جواز معارضة المفتي فيما أفتى به إذا كان بخلاف حاله ولَم يعلم المستفتي بسرّ المخالفة، وفيه الاستكشاف عن حكمة النّهي.
وفيه ثبوت خصائصه - صلى الله عليه وسلم -. وأنّ عموم قوله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ) مخصوص.
وفيه أنّ الصّحابة كانوا يرجعون إلى فعله المعلوم صفته ويبادرون إلى الائتساء به إلاَّ فيما نهاهم عنه.