قال: وقد روى ابن وهبٍ وابن عبد الحكم عن مالك فقال: من اعتكف أوّل الشّهر أو وسطه فإنّه يخرج إذا غابت الشّمس من آخر يومٍ من اعتكافه، ومن اعتكف في آخر الشّهر فلا ينصرف إلى بيته حتّى يشهد العيد.
قال ابن عبد البرّ: ولا خلاف في الأوّل، وإنّما الخلاف فيمن اعتكف العشر الأخير. هل يخرج إذا غابت الشّمس , أو لا يخرج حتّى يصبح؟ قال: وأظنّ الوهم دخل من وقت خروج المعتكف.
قلت: وهو بعيدٌ لِمَا قرّره هو من بيان محلّ الاختلاف.
وقد وجّه شيخنا الإمام البلقينيّ (١) رواية الباب بأنّ معنى قوله " حتّى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين " أي: حتّى إذا كان المستقبل من الليالي ليلة إحدى وعشرين، وقوله " وهي الليلة التي يخرج " الضّمير يعود على الليلة الماضية.
ويؤيّد هذا قوله " من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر " , لأنّه لا يتمّ ذلك إلاَّ بإدخال الليلة الأولى.
وسبيل من أراد اعتكاف الليالي دون الأيّام، أن يدخل قبيل غروب الشّمس ويخرج بعد طلوع الفجر، فإن أراد اعتكاف الأيّام خاصّةً فيدخل مع طلوع الفجر ويخرج بعد غروب الشّمس، فإن أراد اعتكاف الأيّام والليالي معاً فيدخل قبل غروب الشّمس ويخرج بعد