وقد وقع في رواية سليمان بن بلالٍ عن عبيد الله عند البخاري " فاعتكف ليلةً " فدلَّ على أنّه لَم يزد على نذره شيئاً , وأنّ الاعتكاف لا صوم فيه , وأنّه لا يشترط له حدٌّ معيّنٌ.
قوله:(في المسجد الحرام) زاد عمرو بن دينارٍ في روايته " عند الكعبة.
وقد ترجم البخاريّ لهذا الحديث " من لَم ير عليه إذا اعتكف صوماً " وترجمه أيضاً " الاعتكاف ليلاً " وهذه مستلزمةٌ للثّانية , لأنّ الاعتكاف إذا ساغ ليلاً بغير نهارٍ استلزم صحّته بغير صيامٍ من غير عكسٍ. وهو القول الأول.
القول الثاني: قال باشتراط الصّيام ابن عمر وابن عبّاسٍ. أخرجه عبد الرّزّاق عنهما بإسنادٍ صحيحٍ , وعن عائشة نحوه , وبه قال مالكٌ والأوزاعيّ والحنفيّة , واختلف عن أحمد وإسحاق.
واحتجّ عياضٌ: بأنّه - صلى الله عليه وسلم - لَم يعتكف إلاَّ بصومٍ. وفيه نظرٌ , لأنّه اعتكف في شوّالٍ كما تقدّم.
واحتجّ بعض المالكيّة: بأنّ الله تعالى ذكر الاعتكاف إثر الصّوم فقال (ثمّ أتمّوا الصّيام إلى الليل ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون).
وتعقّب: بأنّه ليس فيها ما يدلّ على تلازمها. وإلاَّ لكان لا صوم إلاَّ باعتكافٍ. ولا قائل به.
وفي الحديث ردٌّ على مَن قال: أقلّ الاعتكاف عشرة أيّامٍ أو أكثر من يومٍ.