وفي رواية عبد الرّحمن بن إسحاق " ما أقول لكما هذا أن تكونا تظنّان شرّاً، ولكن قد علمت أنّ الشّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم. وقوله " يبلغ " أو " يجري ".
قيل: هو على ظاهره. وأنّ الله تعالى أقدره على ذلك وجعل له قوةً على التوصل إلى باطن الإنسان.
وقيل: هو على سبيل الاستعارة من كثرة إغوائه، وكأنّه لا يفارق كالدّم فاشتركا في شدّة الاتّصال وعدم المفارقة.
قوله:(ابن آدم) المراد جنس أولاد آدم. فيدخل فيه الرّجال والنّساء كقوله:(يا بني آدم) وقوله (يا بني إسرائيل) بلفظ المذكّر إلاَّ أنّ العرف عمّمه فأدخل فيه النّساء.
قوله:(وإنّي خفت أن يقذف في قلوبكما شراً) بمعجمةٍ وراءٍ. وفي رواية شعيب " شيئاً " وكذا في رواية ابن مسافر، وفي رواية معمر " سوءاً , أو قال شيئاً " وفي رواية هشيمٍ " إنّي خفت أن يدخل عليكما شيئاً " , وفي رواية هشام عن معمر " في أنفسكما " وهو مثل قوله في الرّواية الأخرى " في قلوبكما " وإضافة لفظ الجمع إلى المثنّى كثيرٌ مسموعٌ كقوله تعالى (فقد صغت قلوبكما).
والمحصّل من هذه الرّوايات. أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَم ينسبهما إلى أنّهما يظنّان به سوءاً لِمَا تقرّر عنده من صدق إيمانهما، ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشّيطان ذلك , لأنّهما غير معصومين فقد يفضي بهما ذلك