للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي دعواه الإجماع نظرٌ , فإنّ الخلاف ثابت كما تقدّم، وقد حكاه القفّال والماورديّ وغيرهما.

واستدل بحديث الباب على أنّه - صلى الله عليه وسلم - فتح مكّة عنوة، وأجاب النّوويّ بأنّه - صلى الله عليه وسلم - كان صالحهم، لكن لَمّا لَم يأمن غدرهم دخل متأهّباً.

وهذا جواب قويّ. إلاَّ أنّ الشّأن في ثبوت كونه صالحهم , فإنّه لا يُعرف في شيء من الأخبار صريحاً (١).

واستدل بقصّة ابن خطل على جواز إقامة الحدود والقصاص في حرم مكّة.

قال ابن عبد البرّ: كان قتل ابن خطل قوداً من قتله المسلم.

وقال السّهيليّ: فيه أنّ الكعبة لا تعيذ عاصياً , ولا تمنع من إقامة حدّ واجب.

وقال النّوويّ: تأوّل مَن قال: لا يقتل فيها. على أنّه - صلى الله عليه وسلم - قتله في السّاعة التي أبيحت له، وأجاب عنه أصحابنا: بأنّها إنّما أبيحت له ساعة الدّخول حتّى استولى عليها , وأذعن أهلها، وإنّما قتل ابن خطل بعد ذلك. انتهى.

وتعقّب: بما تقدّم في الكلام على حديث أبي شُريح , أنّ المراد بالسّاعة التي أحلت له ما بين أوّل النّهار ودخول وقت العصر، وقَتْل ابن خطل كان قبل ذلك قطعاً , لأنّه قيّد في الحديث بأنّه كان عند نزعه


(١) انظر فتح الباري كتاب المغازي باب " أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح " (٨/ ١٦) وقد أطال الشارح رحمه الله في الخلاف في هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>