فروى البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى قال: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطاف بالبيت، وصلَّى خلف المقام ركعتين ومعه من يستره من الناس، فقال له رجل: أَدَخَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة؟ قال: لا. (١).
فتعيّن أنّ القصّة كانت في حجّته وهو المطلوب، وبذلك جزم البيهقيّ، وإنّما لَم يدخل في عمرته لِمَا كان في البيت من الأصنام والصّور , وكان إذ ذاك لا يتمكّن من إزالتها، بخلاف عام الفتح.
قال النووي: قال العلماء: سبب ترك دخوله ما كان في البيت من الأصنام والصور، ولَم يكن المشركون يتركونه ليغيرها، فلما كان في الفتح أمر بإزالة الصور ثم دخلها، يعني كما في حديث ابن عباس. انتهى.
ويحتمل: أن يكون دخول البيت لَم يقع في الشرط، فلو أراد دخوله لمنعوه كما منعوه من الإقامة بمكة زيادة على الثلاث فلم يقصد دخوله لئلا يمنعوه.
وفي " السيرة " عن علي , أنه دخلها قبل الهجرة فأزال شيئاً من الأصنام، وفي " الطبقات " عن عثمان بن طلحة نحو ذلك.
فإن ثبت ذلك لَم يشكل على الوجه الأول , لأنَّ ذلك الدخول كان لإزالة شيء من المنكرات لا لقصد العبادة، والإزالة في الهدنة كانت
(١) قال الحافظ في " الفتح " (٣/ ٤٦٨): استدل المحب الطبري به على أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة في حجته وفي فتح مكة , ولا دلالة فيه على ذلك , لأنه لا يلزم من نفي كونه دخلها في عمرته أنه دخلها في جميع أسفاره. والله أعلم.