قال الطّحاويّ: ثبت عن عائشة وابن عبّاس التّخيير في الإشعار وتركه فدلَّ على أنّه ليس بنسك , لكنّه غير مكروه لثبوت فعله عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وقال الخطّابيّ وغيره: اعتلال من كره الإشعار بأنّه من المثلة مردود بل هو باب آخر كالكيّ وشقّ أذن الحيوان ليصير علامة وغير ذلك من الوسم. وكالختان والحجامة وشفقة الإنسان على المال عادة. فلا يخشى ما توهّموه من سريان الجرح حتّى يفضي إلى الهلاك. ولو كان ذلك هو الملحوظ لقيّده الذي كرهه به كأنّه يقول: الإشعار الذي يفضي بالجرح إلى السّراية حتّى تهلك البدنة مكروه فكان قريباً.
وقد كثُر تشنيع المتقدّمين على أبي حنيفة في إطلاقه كراهة الإشعار , وانتصر له الطّحاويّ في " المعاني " فقال:
لَم يكره أبو حنيفة أصل الإشعار. وإنّما كره ما يفعل على وجهٍ يخاف منه هلاك البدن كسراية الجرح , ولا سيّما مع الطّعن بالشّفرة. فأراد سدّ الباب عن العامّة , لأنّهم لا يراعون الحدّ في ذلك , وأمّا من كان عارفاً بالسّنّة في ذلك فلا.
وفي هذا تعقّبٌ على الخطّابيّ حيث قال: لا أعلم أحداً كره الإشعار إلاَّ أبا حنيفة , وخالفه صاحباه فقالا بقول الجماعة. انتهى.
وروي عن إبراهيم النّخعيّ أيضاً , أنّه كره الإشعار. ذكر ذلك التّرمذيّ قال: سمعت أبا السّائب يقول: كنّا عند وكيع , فقال له رجل: روي عن إبراهيم النّخعيّ أنّه قال: الإشعار مثلةٌ , فقال له