قوله:(ثمّ بعث بها إلى البيت) ولهما من وجه آخر عن عمرة عن عائشة " ثم بعث بها مع أَبِي " بفتح الهمزة وكسر الموحّدة الخفيفة. تريد بذلك أباها أبا بكر الصّديق. واستفيد من ذلك وقت البعث. وأنّه كان في سنة تسع عام حجّ أبو بكر بالنّاس.
قال ابن التّين: أرادت عائشة بذلك علمها بجميع القصّة , ويحتمل: أن تريد أنّه آخر فعل النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , لأنّه حجّ في العام الذي يليه حجّة الوداع , لئلا يظنّ ظانّ أنّ ذلك كان في أوّل الإسلام ثمّ نسخ. فأرادت إزالة هذا اللبس وأكملت ذلك بقولها " , فلم يحرم عليه شيء كان له حلاً حتّى نحر الهدي " أي: وانقضى أمره ولَم يحرم وترك إحرامه بعد ذلك أحرى وأولى , لأنّه إذا انتفى في وقت الشّبهة فلأن ينتفي عند انتفاء الشّبهة أولى.
وحاصل اعتراض عائشة على ابن عبّاس , أنّه ذهب إلى ما أفتى به. قياساً للتّولية في أمر الهدي على المباشرة له , فبيّنت عائشة أنّ هذا القياس لا اعتبار له في مقابلة هذه السّنّة الظّاهرة.
وفي الحديث من الفوائد: تناول الكبيرِ الشّيءَ بنفسه وإن كان له من يكفيه إذا كان ممّا يهتمّ به , ولا سيّما ما كان من إقامة الشّرائع وأمور الدّيانة.
وفيه تعقّب بعض العلماء على بعضٍ، وردّ الاجتهاد بالنّصّ , وأنّ الأصل في أفعاله - صلى الله عليه وسلم - التّأسّي به حتّى تثبت الخصوصيّة.