أو نقول: إنما بال فوق السباطة لا في أصل الجدار. وهو صريحٌ رواية أبي عوانة في " صحيحه ".
وقيل: يحتمل أن يكون علم إذنهم في ذلك بالتصريح أو غيره، أو لكونه مما يتسامح الناس به، أو لعلمه بإيثارهم إياه بذلك، أو لكونه يجوز له التصرف في مال أمته دون غيره؛ لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأموالهم.
وهذا - وإن كان صحيح المعنى - لكن لَم يُعهد ذلك من سيرته ومكارم أخلاقه - صلى الله عليه وسلم -.
قال ابن بطال: دلالة الحديث على القعود بطريق الأولى؛ لأنه إذا جاز قائما فقاعدا أجوز.
قلت: ويحتمل أن يكون أشار (١) بذلك إلى حديث عبد الرحمن بن حسنة الذي أخرجه النسائي وابن ماجه وغيرهما فإن فيه: بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالساً , فقلنا: انظروا إليه يبول كما تبول المرأة.
وحكى ابن ماجه عن بعض مشايخه أنه قال: كان من شأن العرب البول قائماً. أَلا تراه يقول في حديث عبد الرحمن بن حسنة: قعد يبول كما تبول المرأة. وقال في حديث حذيفة: فقام كما يقوم أحدكم.
ودلَّ حديث عبد الرحمن المذكور على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخالفهم في ذلك فيقعد لكونه أستر وأبعد من مماسة البول. وهو حديث صحيح.
(١) أي: البخاري حيث بوَّب على الحديث " باب البول قائماً وقاعداً "