البخاري اختصره لتفرد الأعمش به , فقد روى ابن ماجه من طريق شعبة , أنَّ عاصماً رواه له عن أبي وائل عن المغيرة , أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى سباطة قومٍ فبال قائماً. قال عاصم: وهذا الأعمش يرويه عن أبي وائل عن حذيفة وما حفظه. يعني: أنَّ روايته هي الصواب. قال شعبة: فسألت عنه منصوراً فحدثنيه عن أبي وائل عن حذيفة يعني كما قال الأعمش , لكن لَم يذكر فيه المسح، فقد وافق منصورٌ الأعمشَ على قوله عن حذيفة دون الزيادة. ولَم يلتفت مسلم إلى هذه العلة بل ذكرها في حديث الأعمش؛ لأنها زيادة من حافظ.
وقال الترمذي: حديث أبي وائل عن حذيفة أصحُّ، يعني حديثه عن المغيرة.
وهو كما قال. وإن جنح ابن خزيمة إلى تصحيح الروايتين لكون حماد بن أبي سليمان وافق عاصماً على قوله عن المغيرة، فجاز أن يكون أبو وائل سمعه منهما فيصح القولان معاً، لكن من حيث الترجيح رواية الأعمش ومنصور لاتفاقهما أصحُّ من رواية عاصم وحماد. لكونهما في حفظهما مقال.
وقوله " فانتبذت " بالنون والذال المعجمة. أي: تنحَّيت. يقال: جلس فلان نبذة بفتح النون وضمها , أي: ناحية. وقوله " فأشار إليَّ " يدل على أنه لَم يبعد منه بحيث لا يراه.
وإنما صنع ذلك ليجمع بين المصلحتين: عدم مشاهدته في تلك الحالة وسماع ندائه لو كانت له حاجة، أو رؤية إشارته إذا أشار له