وقوله:(ولا على إثر كل واحدة منهما) أي: عقبها ويستفاد منه أنّه ترك التّنفّل عقب المغرب وعقب العشاء , ولَمّا لَم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرّح بأنّه لَم يتنفّل بينهما بخلاف العشاء فإنّه يحتمل أن يكون المراد , أنّه لَم يتنفّل عقبها , لكنّه تنفّل بعد ذلك في أثناء الليل , ومن ثَمَّ قال الفقهاء: تؤخّر سنّة العشاءين عنهما.
ونقل ابن المنذر الإجماعَ على ترك التّطوّع بين الصّلاتين بالمزدلفة , لأنّهم اتّفقوا على أنّ السّنّة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة , ومن تنفّل بينهما لَم يصحّ أنّه جمع بينهما. انتهى.
ويعكّر على نقل الاتّفاق فعل ابن مسعود.
فأخرج البخاري من طريق زهير عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول: حجَّ عبد الله - رضي الله عنه - فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريباً من ذلك، فأمر رجلاً فأذن وأقام، ثم صلَّى المغرب، وصلَّى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشَّى، ثم أمر أرى فأذّن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلاَّ من زهير- ثم صلَّى العشاء ركعتين ... وفيه قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله " , وفي رواية له عن إسرائيل عن أبي إسحاق " فصلَّى الصلاتين كل صلاةٍ وحدها بأذان