صيد أو لا فحمله على أصل الإباحة فأكل منه. لَم يكن ذلك حراماً على الآكل.
وعندي بعد ذلك فيه وقفة، فإنّ الرّوايات المتقدّمة ظاهرة في أنّ الذي تأخّر هو العضد، وأنّه - صلى الله عليه وسلم - أكلها حتّى تعرّقها. أي: لَم يبق منها إلاَّ العظم، ووقع عند البخاريّ في الهبة " حتّى نفدها " أي: فرّغها، فأيّ شيء يبقى منها حينئذٍ حتّى يأمر أصحابه بأكله.
لكنّ رواية أبي محمّد عن أبي قتادة في البخاري في الصّيد " أبقي معكم شيء منه؟ قلت: نعم , قال: كلوا، فهو طعمة أطعمكموها الله " فأشعر بأنّه بقي منها غير العضد، والله أعلم.
وسيأتي البحث في حكم ما يصيده الحلال بالنّسبة إلى المُحرم في الصعب بن جثّامة الذي يليه إن شاء الله تعالى.
وفي حديث أبي قتادة من الفوائد:
أنّ تمنّي المُحرم أن يقع من الحلال الصّيد ليأكل المُحرم منه لا يقدح في إحرامه، وأنّ الحلال إذا صاد لنفسه جاز للمحرم الأكل من صيده، وهذا يقوّي من حمل الصّيد في قوله تعالى (وحرّم عليكم صيد البرّ) على الاصطياد.
وفيه الاستيهاب من الأصدقاء وقبول الهديّة من الصّديق. وقال عياض: عندي أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - طلب من أبي قتادة ذلك تطييباً لقلب من أكل منه , بياناً للجواز بالقول والفعل لإزالة الشّبهة التي حصلت لهم.