قال ابن عبد البرّ: نَظَرَ مالكٌ إلى معنى المزابنة لغة - وهي المدافعة - ويدخل فيها القمار والمخاطرة، وفسّر بعضهم المزابنة بأنّها بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه، وهو خطأٌ فالمغايرة بينهما ظاهرة في حديث ابن عمر عند البخاري , أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تبيعوا الثّمر حتّى يبدو صلاحه، ولا تبيعوا الثّمر بالتّمر.
وقيل: هي المزارعة على الجزء. وقيل: غير ذلك.
والذي تدل عليه الأحاديث في تفسيرها أولى.
واستدل بأحاديث الباب على تحريم بيع الرّطب باليابس منه ولو تساويا في الكيل والوزن , لأنّ الاعتبار بالتّساوي إنّما يصحّ حالة الكمال , والرّطب قد ينقص إذا جفّ عن اليابس نقصاً لا يتقدّر. وهو قول الجمهور.
وعن أبي حنيفة: الاكتفاء بالمساواة حالة الرّطوبة، وخالفه صاحباه في ذلك لصحّة الأحاديث الواردة في النّهي عن ذلك.
وأصرح من ذلك حديث سعد بن أبي وقّاصٍ , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سئل عن بيع الرّطب بالتّمر فقال: أينقص الرّطب إذا جفّ؟ قالوا نعم، قال: فلا إذاً. أخرجه مالك وأصحاب السّنن وصحَّحه التّرمذيّ وابن خزيمة وابن حبّان والحاكم.
وفيه جواز تسمية العنب كرماً، وقد ورد النّهي عنه كما في البخاري من رواية معمر عن الزّهريّ عن أبي سلمة بلفظ: لا تسمّوا العنب كرماً. وهي رواية ابن سيرين عن أبي هريرة عند مسلم، وعنده من