قوله:(فقال: أتراني ما كسْتُك لآخذ جملَك؟، خذ جملَك ودارهمَك، فهو لك) في رواية زكريا عند البخاري " ما كنت لآخذ جملك، فخذ جملك ذلك فهو مالك " كذا وقع هنا، وقد رواه عليّ بن عبد العزيز عن أبي نعيم - شيخ البخاريّ فيه - بلفظ " أتراني إنّما ماكستك لآخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك هما لك " أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " عن الطّبرانيّ عنه. وكذا أخرجه مسلم من طريق عبد الله بن نمير عن زكريّا، لكن قال في آخره " فهو لك ".
وعليها اقتصر صاحب " العمدة ".
ووقع لأحمد عن يحيى القطّان عن زكريّا بلفظ " فقال: أظننت حين ماكستك أذهب بجملك؟ خذ جملك وثمنه فهما لك " وهذه الرّواية وكذلك رواية البخاريّ توضّح أنّ اللام في قوله " لآخذ " للتّعليل وبعدها همزة ممدودة.
ووقع لبعض رواة مسلم كما حكاه عياض " لا " بصيغة النّفي " خذ " بصيغة الأمر، ويلزم عليه التّكرار في قوله:" خذ جملك " وقوله: " ماكستك " هو من المماكسة. أي: المناقصة في الثّمن، وأشار بذلك إلى ما وقع بينهما من المساومة عند البيع. كما تقدّم.
قال ابن الجوزيّ: هذا من أحسن التّكرّم، لأنّ من باع شيئاً فهو في الغالب محتاج لثمنه، فإذا تعوّض من الثّمن بقي في قلبه من المبيع أسف على فراقه كما قيل:
وقد تخرج الحاجات يا أمّ مالك ... نفائس من ربّ بهنّ ضنين