ابن حبّان والطّبرانيّ عن الشّعبيّ , أنّ النّعمان خطب بالكوفة فقال: إنّ والدي بشير بن سعد أتى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنّ عمرة بنت رواحة نفست بغلامٍ، وإنّي سمّيته النّعمان، وإنّها أبت أن تربّيه حتّى جعلت له حديقةً من أفضل مال هو لي , وأنّها قالت: أشهد على ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا أشهد على جورٍ.
وجمع ابن حبّان بين الرّوايتين: بالحمل على واقعتين.
إحداهما: عند ولادة النّعمان , وكانت العطيّة حديقة.
والأخرى: بعد أن كبُر النّعمان , وكانت العطيّة عبداً.
وهو جمع لا بأس به، إلَّا أنّه يعكّر عليه أنّه يبعد أن ينسى بشير بن سعد - مع جلالته - الحكمَ في المسألة حتّى يعود إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيستشهده على العطيّة الثّانية بعد أن قال له في الأولى " لا أشهد على جورٍ ".
وجوّز ابن حبّان: أن يكون بشير ظنّ نسخ الحكم.
وقال غيره: يحتمل أن يكون حمل الأمر الأوّل على كراهة التّنزيه، أو ظنّ أنّه لا يلزم من الامتناع في الحديقة الامتناع في العبد , لأنّ ثمن الحديقة في الأغلب أكثر من ثمن العبد.
ثمّ ظهر لي وجه آخر من الجمع يسلم من هذا الخدش , ولا يحتاج إلى جوابٍ. وهو أنّ عمرة لَمَّا امتنعت من تربيته إلَّا أن يهب له شيئاً يخصّه به وهبه الحديقة المذكورة تطييباً لخاطرها، ثمّ بدا له فارتجعها , لأنّه لَم يقبضها منه أحد غيره، فعاودته عمرة في ذلك فمطلها سنة أو