دعاء أو دواء وربّما استحبّ، وأنّ ذلك لا ينافي الاتّصاف بالصّبر المحمود، وإذا جاز ذلك في أثناء المرض كان الإخبار به بعد البرء أجوز.
وروى البخاري في " الأدب المفرد " من طريق هشام بن عروة عن أبيه قال: دخلت أنا وعبد الله بن الزّبير على أسماء - يعني بنت أبي بكر وهي أمّهما - وأسماء وجعة، فقال لها عبد الله: كيف تجدينك؟ قالت: وجعت " الحديث.
وأصرح منه ما روى صالح بن كيسان عن حميد بن عبد الرّحمن بن عوف عن أبيه قال: دخلت على أبي بكر - رضي الله عنه - في مرضه الذي توفّي فيه، فسلمت عليه وسألته: كيف أصبحت؟ فاستوى جالساً، فقلت: أصبحت بحمد الله بارئاً؟ قال: أما إنّي على ما ترى وجع " فذكر القصّة، أخرجه الطّبرانيّ.
قال القرطبيّ: اختلف النّاس في هذا الباب، والتّحقيق أنّ الألم لا يقدر أحد على رفعه، والنّفوس مجبولة على وجدان ذلك فلا يستطاع تغييرها عمّا جبلت عليه، وإنّما كلف العبد أن لا يقع منه في حال المصيبة ما له سبيل إلى تركه كالمبالغة في التّأوّه والجزع الزّائد كأنّ من فعل ذلك خرج عن معاني أهل الصّبر.
وأمّا مجرّد التّشكّي فليس مذموماً حتّى يحصل التّسخّط للمقدور، وقد اتّفقوا على كراهة شكوى العبد ربّه، وشكواه إنّما هو ذكره للنّاس على سبيل التّضجّر، والله أعلم.