للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن العربيّ: سؤال عمر مُحتمل لأَنْ يكون أنّهم لَم يروا قبلها مثلها فسأل ليعلم.

ويحتمل: أن يكون لَمَّا رأى في القرآن قوله (فطلقوهنّ لعدّتهنّ) وقوله (يتربّصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء) أراد أن يعلم أنّ هذا قرء أم لا.

ويحتمل: أن يكون سمع من النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - النّهي فجاء ليسأل عن الحكم بعد ذلك.

وقال ابن دقيق العيد (١): وتغيُّظ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , إمّا لأنّ المعنى الذي يقتضي المنع كان ظاهراً فكان مقتضى الحال التّثبّت في ذلك، أو لأنّه كان مقتضى الحال مشاورة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك إذا عزم عليه.

قوله: (ليراجعها) في رواية مالك " مره فليراجعها ".

قال ابن دقيق العيد: يتعلق به مسألة أصوليّة، وهي أنّ الأمر بالأمر بالشّيء هل هو أمر بذلك أم لا؟ فإنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر: مُره، فأمره بأن يأمره.

قلت: هذه المسألة ذكرها ابن الحاجب فقال: الأمر بالأمر بالشّيء ليس أمراً بذلك الشّيء لنا لو كان. لكان مر عبدك بكذا تعدّياً، ولكان يناقض قولك للعبد لا تفعل. قالوا: فهم ذلك من أمر الله ورسوله , ومن قول الملك لوزيره قل لفلانٍ افعل. قلنا للعلم بأنّه مبلغ.

قلت: والحاصل أنّ النّفي إنّما هو حيث تجرّد الأمر، وأمّا إذا وجدت قرينة تدلّ على أنّ الآمر الأوّل أمر المأمور الأوّل أن يبلغ


(١) هو محمد بن علي , سبق ترجمته (١/ ١٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>