للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان في بعث عليّ إلى اليمن، فيصدق أنّه أصيب في الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: في طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ولا يلزم من ذلك أن تكون بينونتها منه بالموت بل بالطّلاق السّابق على الموت.

فقد ذهب جمعٌ جمٌّ إلى أنّه مات مع عليٍّ باليمن , وذلك بعد أن أرسل إليها بطلاقها، فإذا جمع بين الرّوايتين استقام هذا التّأويل وارتفع الوهْم، ولكن يبعد بذلك قول مَن قال: إنّه بقي إلى خلافة عمر.

قوله: (فأرسل إليها وكيله بشعيرٍ، فسَخِطَتْه ... فجاءتْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتْ ذلك له) قال ابن دقيق العيد: سياق الحديث يقتضي أنّ سبب الحكم أنّها اختلفت مع الوكيل بسبب استقلالها ما أعطاها، وأنّها لَمَّا قال لها الوكيل " لا نفقة لك " سألت النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , فأجابها بأنّها لا نفقة لها ولا سكنى، فاقتضى أنّ التّعليل إنّما هو بسبب ما جرى من الاختلاف لا بسبب الاقتحام والبذاءة، فإن قام دليل أقوى من هذا الظّاهر عمل به.

قلت: المتّفق عليه في جميع طرقه أنّ الاختلاف كان في النّفقة، ثمّ اختلفت الرّوايات: ففي بعضها " فقال: لا نفقة لك ولا سكنى " وفي بعضها أنّه لَمَّا قال لها " لا نفقة لك " استأذنته في الانتقال فأذن لها، وكلّها في صحيح مسلم.

فإذا جمعت ألفاظ الحديث من جميع طرقه خرج منها أنّ سبب استئذانها في الانتقال ما ذكر من الخوف عليها ومنها، واستقام

<<  <  ج: ص:  >  >>