للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتجّ المزنيّ بهذين الحديثين (١) على من أنكر القياس، قال: وأوّل من أنكر القياس إبراهيم النّظام وتبعه بعض المعتزلة، وممّن ينسب إلى الفقه داود بن عليّ، وما اتّفق عليه الجماعة هو الحجّة، فقد قاس الصّحابة فمن بعدهم من التّابعين وفقهاء الأمصار وبالله التّوفيق.

وتعقّب بعضهم الأوّليّة التي ادّعاها ابن بطّال , بأنّ إنكار القياس ثبت عن ابن مسعود من الصّحابة ومن التّابعين عن عامر الشّعبيّ من فقهاء الكوفة، وعن محمّد بن سيرين من فقهاء البصرة. نقله ابن عبد البرّ. ومِن قبله الدّارميّ وغيره عنهم وعن غيرهم

وقد ذكر الشّافعيّ شرط من له أن يقيس فقال: يشترط أن يكون عالماً بالأحكام من كتاب الله تعالى , وبناسخه ومنسوخه وعامّه وخاصّه، ويستدلّ على ما احتمل التّأويل بالسّنّة وبالإجماع، فإن لَم يكن فبالقياس على ما في الكتاب، فإن لَم يكن فبالقياس على ما في السّنّة، فإن لَم يكن فبالقياس على ما اتّفق عليه السّلف وإجماع النّاس، ولَم يعرف له مخالف.

قال: ولا يجوز القول في شيء من العلم إلَّا من هذه الأوجه، ولا


(١) أي: حديث الباب وهو حديث أبي هريرة.
وحديث ابن عبّاس , أنَّ امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟، قالت: نعم، فقال: اقضوا الله الذي له، فإن الله أحق بالوفاء.
أخرجه البخاري في الاعتصام (٦٨٨٥) (باب من شبّه أصلاً معلوماً بأصل مبين، قد بيّن الله حكمهما، ليفهم السائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>