وشرحه ابن دقيق العيد على ما وقع في " العمدة " فقال: استدلال جابر بالتّقرير من الله غريبٌ، ويمكن أن يكون استدل بتقرير الرّسول , لكنّه مشروط بعلمه بذلك. انتهى
ويكفي في علمه به قول الصّحابيّ إنّه فعله في عهده، والمسألة مشهورة في الأصول وفي علم الحديث.
وهي أنّ الصّحابيّ إذا أضافه إلى زمن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , كان له حكم الرّفع عند الأكثر، لأنّ الظّاهر أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - اطّلع على ذلك وأقرّه , لتوفّر دواعيهم على سؤالهم إيّاه عن الأحكام.
وإذا لَم يضفه فله حكم الرّفع عند قوم، وهذا من الأوّل , فإنّ جابراً صرّح بوقوعه في عهده - صلى الله عليه وسلم - , وقد وردت عدّة طرق تصرّح باطّلاعه على ذلك.
والذي يظهر لي أنّ الذي استنبط ذلك. سواء كان هو جابراً أو سفيان , أراد بنزول القرآن ما يُقرأ، أعمّ من المتعبّد بتلاوته أو غيره ممّا يوحى إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكأنّه يقول: فعلناه في زمن التّشريع ولو كان حراماً لَم نقرّ عليه.
وإلى ذلك يشير قول ابن عمر: كنّا نتّقي الكلام والانبساط إلى نسائنا هيبة أن ينزل فينا شيء على عهد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا مات النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , تكلَّمنا وانبسطنا. أخرجه البخاريّ.
وقد أخرجه مسلم أيضاً من طريق أبي الزّبير عن جابر قال: كنّا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فبلغ ذلك نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينهنا.