من كونه لا يصير بذلك فاسقاً ولا كافراً أن لا يكون آثماً في صورة قوله له , أنت فاسق.
بل في هذه الصّورة تفصيل: إن قصد نصحه أو نصح غيره ببيان حاله جاز، وإن قصد تعييره
وشهرته بذلك ومحض أذاه لَم يجز؛ لأنّه مأمور بالسّتر عليه وتعليمه وعظته بالحسنى، فمهما أمكنه ذلك بالرّفق , لا يجوز له أن يفعله بالعنف , لأنّه قد يكون سبباً لإغرائه وإصراره على ذلك الفعل كما في طبع كثير من النّاس من الأنفة، ولا سيّما إن كان الآمر دون المأمور في المنزلة.
ووقع في رواية مسلم بلفظ " ومن دعا رجلاً بالكفر , أو قال عدوّ الله , وليس كذلك إلَّا حار عليه ".
وقد أخرج البخاري هذا المتن من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن عمر بلفظ " فقد باء بها أحدهما "(١) وهو بمعنى رجع أيضاً.
قال النّوويّ: اختلف في تأويل هذا الرّجوع.
فقيل: رجع عليه الكفر إن كان مستحلاً، وهذا بعيد من سياق الخبر.
وقيل: محمول على الخوارج , لأنّهم يكفّرون المؤمنين. هكذا نقله عياض عن مالك وهو ضعيف. لأنّ الصّحيح عند الأكثرين , أنّ
(١) ولفظه: أيما رجل قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما. زاد مسلم: إن كان كما قال وإلَّا رجعت إاليه. أخرجاه من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر - رضي الله عنه -.