للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال القرطبيّ في المفهم: ظاهر قوله " المفارق للجماعة " أنّه نعت للتّارك لدينه، لأنّه إذا ارتدّ فارق جماعة المسلمين، غير أنّه يلتحق به كل من خرج عن جماعة المسلمين وإن لَم يرتدّ. كمن يمتنع من إقامة الحدّ عليه إذا وجب ويقاتل على ذلك كأهل البغي وقطّاع الطّريق والمحاربين من الخوارج وغيرهم.

قال: فيتناولهم لفظ المفارق للجماعة بطريق العموم، ولو لَم يكن كذلك لَم يصحّ الحصر , لأنّه يلزم أن ينفي من ذكر ودمه حلال فلا يصحّ الحصر، وكلام الشّارع منزّه عن ذلك، فدلَّ على أنّ وصف المفارقة للجماعة يعمّ جميع هؤلاء.

قال: وتحقيقه أنّ كل من فارق الجماعة ترك دينه، غير أنّ المرتدّ ترك كلّه والمفارق بغير ردّة ترك بعضه. انتهى.

وفيه مناقشة. لأنّ أصل الخصلة الثّالثة الارتداد فلا بدّ من وجوده، والمفارق بغير ردّة لا يسمّى مرتدّاً فيلزم الخلف في الحصر.

والتّحقيق في جواب ذلك: أنّ الحصر فيمن يجب قتله عيناً، وأمّا من ذكرهم فإنّ قتل الواحد منهم إنّما يباح إذا وقع حال المحاربة والمقاتلة، بدليل أنّه لو أسر لَم يجز قتله صبراً اتّفاقاً في غير المحاربين، وعلى الرّاجح في المحاربين أيضاً.

لكن يرِد على ذلك قتل تارك الصّلاة، وقد تعرّض له ابن دقيق العيد فقال: استدل بهذا الحديث , أنّ تارك الصّلاة لا يقتل بتركها. لكونه ليس من الأمور الثّلاثة، وبذلك استدل شيخُ والدي الحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>