قال ابن دقيق العيد: الاستدلال بالرّواية التي فيها " فيدفع برمّته "(١) أقوى من الاستدلال بقوله " دم صاحبكم " لأنّ قوله " يدفع برمّته " لفظ مستعمل في دفع القاتل للأولياء للقتل، ولو أنّ الواجب الدّية لبعد استعمال هذا اللفظ. وهو في استعماله في تسليم القاتل أظهر، والاستدلال بقوله " دم صاحبكم " أظهر من الاستدلال بقوله " قاتلكم " أو " صاحبكم " لأنّ هذا اللفظ لا بدّ فيه من إضمار.
فيحتمل: أن يضمر دية صاحبكم احتمالاً ظاهراً، وأمّا بعد التّصريح بالدّية فيحتاج إلى تأويل اللفظ بإضمار بدل دم صاحبكم , والإضمار على خلاف الأصل. ولو احتيج إلى إضمار لكان حمله على ما يقتضي إراقة الدّم أقرب.
وأمّا مَن قال. يحتمل: أن يكون قوله " دم صاحبكم " هو القتيل لا القاتل , فيردّه قوله " دم صاحبكم أو قاتلكم ".
وتعقّب: بأنّ القصّة واحدة اختلفت ألفاظ الرّواة فيها على ما تقدّم بيانه , فلا يستقيم الاستدلال بلفظٍ منها لعدم تحقّق أنّه اللفظ الصّادر من النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
واستدل مَن قال بالقود أيضاً: بما أخرجه مسلم والنّسائيّ من
(١) قال ابن الأثير في " النهاية " (٢/ ٢٦٧): الرُّمة بالضم: قطعة حبل يُشد بها الأسير أو القاتل إذا قيد إلى القصاص: أي يُسلم إليهم بالحبل الذي شُد به تمكيناً لهم منه لئلا يهرُب، ثم اتَّسعوا فيه حتى قالوا: أخذت الشيء برمته: أي كله. انتهى