وقد شرط الفقهاء في وجوب الغرّة انفصال الجنين ميّتاً بسبب الجناية، فلو انفصل حيّاً ثمّ مات وجب فيه القود أو الدّية كاملة.
ولو ماتت الأمّ ولَم ينفصل الجنين , لَم يجب شيء عند الشّافعيّة. لعدم تيقّن وجود الجنين.
وعلى هذا. هل المعتبر نفس الانفصال أو تحقّق حصول الجنين؟.
فيه وجهان: أصحّهما الثّاني.
ويظهر أثره فيما لو قُدّت نصفين أو شُقّ بطنها فشوهد الجنين، وأمّا إذا خرج رأس الجنين مثلاً بعدما ضرب وماتت الأمّ. ولَم ينفصل.
قال ابن دقيق العيد: ويحتاج مَن قال ذلك , إلى تأويل الرّواية وحملها على أنّه انفصل وإن لَم يكن في اللفظ ما يدلّ عليه.
قلت: وقع في حديث ابن عبّاس عند أبي داود " فأسقطت غلاماً قد نبت شعره ميّتاً " فهذا صريح في الانفصال، ووقع مجموع ذلك في حديث الزّهريّ.
ففي رواية عبد الرّحمن بن خالد بن مسافر في البخاري " فأصاب بطنَها وهي حامل , فقتل ولدها في بطنها ".
وفي رواية مالك عند البخاري " فطرحت جنينها "(١)
واستدل به على أنّ الحكم المذكور خاصّ بولد الحرّة , لأنّ القصّة وردت في ذلك، وقوله " في إملاص المرأة " وإن كان فيه عموم , لكنّ الرّاوي ذكر أنّه شهد واقعة مخصوصة.
(١) رواية عبد الرحمن بن خالد ومالك هما ضمن حديث أبي هريرة الآتي.