وفي حديث سلمة " ثمّ تأتي تلتمس العقل , لا عقل لها فأبطلها " , وفي رواية ابن سيرين " فقال: ما تأمرني؟ أتأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك تقضمها قضم الفحل , ادفع يدك حتّى يقضمها , ثمّ انزعها " كذا لمسلمٍ.
وعند أبي نعيم في " المستخرج " من الوجه الذي أخرجه مسلم " إن شئت أمرناه فعضّ يدك , ثمّ انتزعها أنت " وفي حديث يعلى بن أُميَّة " فأهدرها " , وفي رواية للشيخين " فأبطلها " وهي رواية الإسماعيليّ.
وقد أخذ بظاهر هذه القصّة الجمهور , فقالوا: لا يلزم المعضوضَ قصاصٌ ولا ديةٌ , لأنّه في حكم الصّائل.
واحتجّوا أيضاً بالإجماع. بأنّ من شهر على آخر سلاحاً ليقتله فدفع عن نفسه , فقُتل الشّاهر أنّه لا شيء عليه، فكذا لا يضمن سنّه بدفعه إيّاه عنها، قالوا: ولو جرحه المعضوض في موضع آخر لَم يلزمه شيء.
وشرط الإهدار أن يتألم المعضوض , وأن لا يمكنه تخليص يده بغير ذلك من ضرب في شدقيه أو فكّ لحيته ليرسلها، ومهما أمكن التّخليص بدون ذلك فعدل عنه إلى الأثقل لَم يهدر.
وعند الشّافعيّة وجه , أنّه يهدر على الإطلاق، ووجّه أنّه لو دفعه في ذلك ضمن.