للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فارجموهما " (١).


(١) أخرج البخاري في " صحيحه " (٦٨٢٩) حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس - رضي الله عنه -، قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان، حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله، ألاَ وإنَّ الرجم حق على من زنى وقد أحصن، إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف - قال سفيان: كذا حفظت - ألا وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده.
قال الحافظ في " الفتح " (١٢/ ١٤٣): قوله " قال سفيان " هو موصول بالسند المذكور , قوله " كذا حفظت " هذه جملة معترضة بين قوله " أو الاعتراف " وبين قوله " وقد رجم " وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية جعفر الفريابي عن علي بن عبد الله - شيخ البخاري فيه - فقال بعد قوله أو الاعتراف: وقد قرأناها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة , وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده " فسقط من رواية البخاري من قوله " وقرأ .. إلى قوله البتة ".
ولعلَّ البخاري هو الذي حذف ذلك عمداً , فقد أخرجه النسائي (٧١١٨) عن محمد بن منصور عن سفيان. كرواية جعفر , ثم قال: لا أعلم أحداً ذكر في هذا الحديث " الشيخ والشيخة " غير سفيان , وينبغي أن يكون وهِم في ذلك.
قلت (ابن حجر): وقد أخرج الأئمة هذا الحديث من رواية مالك ويونس ومعمر وصالح بن كيسان وعقيل وغيرهم من الحُفّاظ عن الزهري. فلم يذكروها.
وقد وقعت هذه الزيادة في هذا الحديث من رواية الموطإ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب , قال: لَمَّا صَدَرَ عمر من الحج , وقدم المدينة خطب الناس فقال: أيها الناس قد سُنّت لكم السنن وفُرضت لكم الفرائض , وتركتم على الواضحة , ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم , أن يقول قائل: لا نجد حدَّين في كتاب الله , فقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا, والذي نفسي بيده. لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. قال مالك: الشيخ والشيخة الثيب والثيبة.
ووقع في " الحلية " في ترجمة داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن عمر " لكتبتها في آخر القرآن " ووقعتْ أيضاً في هذا الحديث في رواية أبي معشر عن زيد بن أسلم عن أبيه. عند البزار , فقال متصلاً بقوله: قد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده: ولولا أن يقولوا كتب عمر ما ليس في كتاب الله لكتبته , قد قرأناها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم.
وأخرج هذه الجملة النسائي , وصححه الحاكم من حديث أُبي بن كعب قال: ولقد كان فيها. أي: سورة الأحزاب آية الرجم الشيخ. فذكر مثله , ومن حديث زيد بن ثابت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الشيخ والشيخة. مثله إلى قوله البتة.
ومن رواية أبي أسامة بن سهل , أنَّ خالته أخبرته , قالت: لقد أقرأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية الرجم. فذكره إلى قوله البتة , وزاد (بما قضيا من اللذة).
وأخرج النسائي أيضاً , أنَّ مروان بن الحكم , قال لزيد بن ثابت: ألا تكتبها في المصحف؟ قال: لا. ألا ترى أنَّ الشابّين الثيبين يرجمان , ولقد ذكرنا ذلك , فقال عمر: أنا أكفيكم , فقال: يا رسول الله أكتبني آية الرجم , قال: لا أستطيع.
وروينا في " فضائل القرآن " لابن الضريس من طريق يعلى - وهو ابن حكيم - عن زيد بن أسلم , أن عمر خطب الناس فقال: لا تشكوا في الرجم , فإنه حق , ولقد هممت أن أكتبه في المصحف , فسألت أُبيَّ بنَ كعب فقال: أليس إنني وأنا أستقرئها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فدفعت في صدري , وقلت: أستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر. ورجاله ثقات.
وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها وهو الاختلاف.
وأخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت , قال: كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان في المصحف فمرَّا على هذه الآية , فقال زيد: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة , فقال عمر: لَمَّا نزلت. أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - , فقلت: أكتبها؟ فكأنه كره ذلك , فقال عمر: ألا ترى أنَّ الشيخ إذا زنى ولَم يحصن جلد , وأنَّ الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم.
فيستفاد من هذا الحديث , السبب في نسخ تلاوتها , لكون العمل على غير الظاهر من عمومها " انتهى كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>