ليعلمها بالقذف المذكور لتطالب بحدّ قاذفها إن أنكرت.
قال: هكذا أوّله العلماء من أصحابنا وغيرهم , ولا بدّ منه , لأنّ ظاهره أنّه بعث يطلب إقامة حدّ الزّنا , وهو غير مراد , لأنّ حدّ الزّنا لا يحتاط له بالتّجسّس والتّنقيب عنه , بل يستحبّ تلقين المقرّ به ليرجع كما سيأتي في قصّة ماعز (١).
وكأنّ لقوله " فإن اعترفت " مقابلاً , أي: وإن أنكرت فأعلمها أنّ لها طلب حدّ القذف , فحُذف لوجود الاحتمال. فلو أنكرت وطلبت لأجيبت.
وقد أخرج أبو داود والنّسائيّ من طريق سعيد بن المسيّب عن ابن عبّاس , أنّ رجلاً أقرّ بأنّه زنى بامرأةٍ فجلده النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مائة. ثمّ سأل المرأة , فقالت: كذب , فجلده حدّ الفرية ثمانين.
وقد سكت عليه أبو داود وصحّحه الحاكم , واستنكره النّسائيّ.
وفيه. أنّ المُخدَّرة التي لا تعتاد البروز , لا تُكلَّف الحضور لمجلس الحكم , بل يجوز أن يرسل إليها من يحكم لها وعليها، وقد ترجم النّسائيّ لذلك.
وفيه. أنّ السّائل يذكر كل ما وقع في القصّة , لاحتمال أن يفهم المفتي أو الحاكم من ذلك ما يستدلّ به على خصوص الحكم في المسألة , لقول السّائل " إنّ ابني كان عسيفاً على هذا "، وهو إنّما جاء يسأل عن حكم الزّنا، والسّرّ في ذلك , أنّه أراد أن يقيم لابنه معذرةً ما ,
(١) سيأتي إن شاء الله الكلام عليه مستوفى. انظر الحديث الآتي برقم (٣٥٣).