قوله " فارجمها " أي بعد إعلامي، أو أنّه فوّض الأمر إليه، فإذا اعترفت بحضرة من يثبت ذلك بقولهم تحكم، وقد دلَّ قوله " فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجمت " أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - هو الذي حكم فيها , بعد أن أعلمه أنيس باعترافها.
كذا قال، والذي يظهر , أنّ أنيساً لَمَّا اعترفت , أعلم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مبالغة في الاستثبات، مع كونه كان علق له رجمها على اعترافها.
واستدل به على أنّ حضور الإمام الرّجم ليس شرطاً. وفيه نظر لاحتمال أنّ أنيساً كان حاكماً , وقد حضر بل باشر الرّجم لظاهر قوله " فرَجَمَها ".
وفيه الجمع بين الجلد والتّغريب، وللبخاري من طريق عروة , أنَّ عمر غرّب , ثم لَم تزل تلك السنة. زاد عبد الرّزّاق في روايته عن مالك " حتّى غرّب مروان , ثمّ ترك النّاس ذلك , يعني أهل المدينة ". وهو منقطع , لأنّ عروة لَم يسمع من عمر.
لكنّه ثبت عن عمر من وجه آخر , أخرجه التّرمذيّ والنّسائيّ وصحّحه ابن خزيمة والحاكم من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنه - , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ضرب وغرّب، وأنّ أبا بكر ضرب وغرّب، وأنّ عمر ضرب وغرّب " أخرجوه من رواية عبد الله بن إدريس عنه.
وذكر التّرمذيّ: أنّ أكثر أصحاب عبيد الله بن عمر رووه عنه موقوفاً على أبي بكر وعمر.