والدّليل على أنّ قصّة ماعز متراخية عن حديث عبادة , أنّ حديث عبادة ناسخ لِمَا شرع أوّلاً من حبس الزّاني في البيوت , فنسخ الحبس بالجلد وزيد الثّيّب الرّجم، وذلك صريح في حديث عبادة، ثمّ نسخ الجلد في حقّ الثّيّب، وذلك مأخوذ من الاقتصار في قصّة ماعز على الرّجم , وذلك في قصّة الغامديّة والجهنيّة واليهوديّين لَم يذكر الجلد مع الرّجم.
وقال ابن المنذر: عارض بعضهم الشّافعيّ , فقال: الجلد ثابت في كتاب الله والرّجم ثابت بسنّة رسول الله كما قال عليّ، وقد ثبت الجمع بينهما في حديث عبادة , وعمل به عليٌّ ووافقه أُبيّ، وليس في قصّة ماعز ومن ذكر معه تصريح بسقوط الجلد عن المرجوم , لاحتمال أن يكون ترك ذكره لوضوحه , ولكونه الأصل فلا يردّ ما وقع التّصريح به بالاحتمال.
وقد احتجّ الشّافعيّ بنظير هذا , حين عورض إيجابه العمرة , بأنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر من سأله أن يحجّ عن أبيه (١) ولَم يذكر العمرة.
فأجاب الشّافعيّ: بأنّ السّكوت عن ذلك لا يدلّ على سقوطه، قال: فكذا ينبغي أن يجاب هنا.
(١) أخرجه البخاري (١٥١٣) ومسلم (٣٣١٥) عن ابن عباس - رضي الله عنه - , أنَّ امرأة , قالت: يا رسول الله. إنَّ فريضة الله على عباده في الحج أدركتْ أبي شيخاً كبيراً، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجة الوداع