ونازع القرطبيّ في ثبوت هذا الإجماع , وقال: إنّ الخبر يتناول كلّ مطّلع.
قال: وإذا تناول المطّلع في البيت مع المظنّة فتناوله المحقّق أولى.
قلت: وفيه نظرٌ. لأنّ التّطلع إلى ما في داخل البيت لَم ينحصر في النّظر إلى شيء معيّن , كعورة الرّجل مثلاً , بل يشمل استكشاف الحريم , وما يقصد صاحب البيت ستره من الأمور التي لا يجب اطّلاع كلّ أحد عليها، ومن ثَمّ ثبت النّهي عن التّجسس والوعيد عليه حسماً لموادّ ذلك.
فلو ثبت الإجماع المدّعى لَم يستلزم ردّ هذا الحكم الخاصّ، ومن المعلوم أنّ العاقل يشتدّ عليه أنّ الأجنبيّ يرى وجه زوجته وابنته ونحو ذلك , وكذا في حال ملاعبته أهله أشدّ ممّا رأى الأجنبيّ ذكره منكشفاً.
والذي ألزمه القرطبيّ صحيحٌ في حقّ من يروم النّظر فيدفعه المنظور إليه.
وفي وجه للشّافعيّة. لا يشرع في هذه الصّورة.
وهل يشترط الإنذار قبل الرّمي؟ وجهان، قيل: يشترط كدفع الصّائل، وأصحّهما: لا , لقوله في الحديث " يختله بذلك "(١).
(١) أخرجه البخاري (٦٩٠٠) ومسلم (٢١٥٧) من حديث أنس - رضي الله عنه - , أنَّ رجلاً اطلع من بعض حجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام إليه بمشقص أو مشاقص، فكأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يختله ليطعنه.