وحكى ابن المنذر عن بعض العلماء: أنّ القصّة لامرأةٍ واحدةٍ استعارت وجحدت وسرقت , فقطعت للسّرقة لا للعارية.
قال: وبذلك نقول.
وقال الخطّابيّ في " معالم السّنن " بعد أن حكى الخلاف , وأشار إلى ما حكاه ابن المنذر: وإنّما ذكرت العارية والجحد في هذه القصّة تعريفًا لها بخاصّ صفتها , إذ كانت تكثر ذلك كما عرفت بأنّها مخزوميّة، وكأنّها لَمَّا كثر منها ذلك ترقّت إلى السّرقة , وتجرّأت عليها.
وتلقّف هذا الجواب من الخطّابيّ جماعةٌ منهم البيهقيّ فقال: تحمل رواية من ذكر جحد العارية على تعريفها بذلك، والقطع على السّرقة.
وقال المنذريّ نحوه، ونقله المازريّ ثمّ النّوويّ عن العلماء.
وقال القرطبيّ: يترجّح أنّ يدها قطعت على السّرقة , لا لأجل جحد العارية من أوجهٍ:
أحدها: قوله في آخر الحديث الذي ذكرت فيه العارية " لو أنّ فاطمة سرقت " فإنّ فيه دلالةً قاطعةً على أنّ المرأة قطعت في السّرقة، إذ لو كان قطعها لأجل الجحد لكان ذكر السّرقة لاغيًا، ولقال: لو أنّ فاطمة جحدت العارية.
قلت: وهذا قد أشار إليه الخطّابيّ أيضًا.
ثانيها: لو كانت قطعت في جحد العارية , لوجب قطع كل من جحد شيئًا إذا ثبت عليه , ولو لَم يكن بطريق العارية.