للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا أفرد جابر الجواب فقال " يكفيك " وهو بفتح أوّله؛ لأنّ ذلك كان عن الكمّيّة كما أشعر بذلك قوله في الجواب " يكفيك صاع ".

وللبخاري عن أبي جعفر، قال: قال لي جابر بن عبد الله. وأتاني ابن عمك يُعرِّض بالحسن بن محمد ابن الحنفية. قال: كيف الغسل من الجنابة؟ فقلت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ ثلاثةَ أكفٍّ , ويفيضها على رأسه، ثم يفيض على سائر جسده. فقال لي الحسن: إني رجلٌ كثيرُ الشعر، فقلت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر منك شعراً. وهذا عن الكيفيّة , وهو ظاهرٌ من قوله " كيف الغسل "

ولكنّ الحسن بن محمّد في المسألتين جميعاً هو المنازع لجابر في ذلك , فقال في جواب الكمّيّة " ما يكفيني " أي: الصّاع , ولَم يُعلِّل , وقال في جواب الكيفيّة " إنّي كثير الشّعر " أي: فأحتاج إلى أكثر من ثلاث غرفات , فقال له جابر في جواب الكيفيّة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر شعراً منك وأطيب. أي: واكتفى بالثّلاث , فاقتضى أنّ الإنقاء يحصل بها , وقال في جواب الكمّيّة ما تقدّم.

وناسب ذكر الخيريّة؛ لأنّ طلب الازدياد من الماء يلحظ فيه التّحرّي في إيصال الماء إلى جميع الجسد , وكان - صلى الله عليه وسلم - سيّد الورعين , وأتقى النّاس لله وأعلمهم به. وقد اكتفى بالصّاع فأشار جابر إلى أنّ الزّيادة على ما اكتفى به تنطّعٌ , قد يكون مثاره الوسوسة فلا يلتفت إليه.

قوله: (يكفيك الصاع) هو إناء يسع خمسة أرطال وثلثا بالبغدادي

<<  <  ج: ص:  >  >>