قال ابن المنذر: قال بعض أهل العلم: أتي النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بسكران فأمرهم بضربه وتبكيته، فدلَّ على أن لا حدّ في السّكر, بل فيه التّنكيل والتّبكيت , ولو كان ذلك على سبيل الحدّ لبيّنه بياناً واضحاً.
قال: فلمّا كثر الشّرّاب في عهد عمر استشار الصّحابة، ولو كان عندهم عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ محدودٌ لَما تجاوزوه كما لَم يتجاوزوا حدّ القذف , ولو كثر القاذفون وبالغوا في الفحش، فلمّا اقتضى رأيهم أن يجعلوه كحدّ القذف، واستدل عليٌّ بما ذكر من أنّ في تعاطيه ما يؤدّي إلى وجود القذف غالباً أو إلى ما يشبه القذف، ثمّ رجع إلى الوقوف عند تقدير ما وقع في زمن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، دلَّ على صحّة ما قلناه، لأنّ الرّوايات في التّحديد بأربعين اختلفت عن أنس , وكذا عن عليّ , فالأولى أن لا يتجاوزوا أقل ما ورد أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ضربه , لأنّه المحقّقُ سواء كان ذلك حدّاً أو تعزيراً.
القول الثّاني: أنّ الحدّ فيه أربعون , ولا تجوز الزّيادة عليها.
القول الثّالث: مثله , لكن للإمام أن يبلغ به ثمانين، وهل تكون الزّيادة من تمام الحدّ أو تعزيراً؟. قولان.
القول الرّابع: أنّه ثمانون , ولا تجوز الزّيادة عليها.
القول الخامس: كذلك , وتجوز الزّيادة تعزيراً.
وعلى الأقوال كلّها , هل يتعيّن الجلد بالسّوط , أو يتعيّن بما عداه , أو يجوز بكلٍّ من ذلك؟. أقوالٌ.