للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

: حدّثت قوماً حديثاً , فقلت: لا وأبي، فقال رجلٌ من خلفي: لا تحلفوا بآبائكم، فالتفتّ فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لو أنّ أحدكم حلف بالمسيح هلك , والمسيح خير من آبائكم.

وهذا مرسلٌ يتقوّى بشواهده.

وقد أخرج التّرمذيّ من وجه آخر عن ابن عمر , أنّه سمع رجلاً يقول: لا والكعبة، فقال: لا تحلف بغير الله، فإنّي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , يقول: من حلف بغير الله فقد كفر، أو أشرك.

قال التّرمذيّ: حسنٌ. وصحَّحه الحاكم.

والتّعبير بقوله " فقد كفر أو أشرك " للمبالغة في الزّجر والتّغليظ في ذلك.

وقد تمسّك به مَن قال بتحريم ذلك , لكن لَمَّا كان حلف عمر بذلك قبل أن يقتضي النّهي كان معذوراً فيما صنع، فلذلك اقتصر على نهيه ولَم يؤاخذه بذلك , لأنّه تأوّل أنّ حقّ أبيه عليه يقتضي أنّه يستحقّ أن يحلف به، فبيّن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنّ الله لا يحبّ لعبده أن يحلف بغيره.

وقد أخرج النّسائيّ وأبو داود في " رواية ابن داسة " عنه من حديث أبي هريرة بزيادة. ولفظه " لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمّهاتكم ولا بالأنداد , ولا تحلفوا إلَّا بالله " الحديث.

قوله: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) قال العلماء: السّرّ في النّهي عن الحلف بغير الله أنّ الحلف بالشّيء يقتضي تعظيمه , والعظمة في الحقيقة إنّما هي لله وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>